الطبيب محمد عبد الغفار مشالي، طبيب بشري مصري ولد في البحيرة في عام 1944 وكان والده يعمل مدرسًا، انتقلت عائلته إلى محافظة الغربية واستقرّت هناك، تخرج في (من أفضل كحرف جر ) كلية طب القصر العيني في محافظة القاهرة في ٥ يونيو عام ١٩٦٧، حيث تخصص في الأمراض الباطنية وطب الأطفال، وعمل لفترة في مراكز ووحدات طبية تابعة لوزارة الصحة المصرية في الأرياف ومن ثم افتتح عيادته الخاصّة في طنطا في عام ١٩٧٥ وظل لسنوات (يتقاضى 5 جنيهات ما يعادل 0.32 دولار فقط وارتفعت لتصل الى ما يعادل 0.64 دولار )يأخذ عن كشفيته للمريض ٥ جنيهات فقط، وزادت لتصل إلى ١٠ جنيهات، وفي كثير من الأحيان كان لا يتقاضى أجرًا من المرضى الفقراء والمساكين وغالبًا ما يشتري لهم الدواء من نفقته الخاصة.
عاش طبيب الغلابة حياة بسيطةً جدًا، وكانت عيادته متواضعة ولم يمتلك سيارة أو هاتفًا، بل كان يكرّس حياته لمرضاه. حيث قال في إحدى المقابلات أنه
(وكان طبيب الغلابة يعيش حياة تتسم بالتواضع تمثلت بعيادته وأسلوب حياته حيث أنه لم يمتلك سيارة أو هاتفًا بسبب تكريس حياته لمساعدة مرضاه حيث صرح في إحدى مقابلته أنه )
يستيقظ في الساعة السابعة والنصف، ومن ثم يذهب إلى عيادته و يعمل فيها حتى أذان المغرب ، ثم يذهب لعيادتين أخرتين في قرى مجاورة لطنطا حيث يوقع الكشف الطبي هناك.
ولم تكن حياة طبيب الغلابة معروفة على مستوى أكبر من طنطا والغربية ، إلى أن سلطت بعض وسائل الإعلام الضوء على قصته منذ سنوات قليلة، وقُدِّمَت له عروض ومساعدات كثيرة من منظمات خيرية، لتحسين عيادته ووضعه إلى أنه كان يرفضها ونادراً ما يقبل، وفي المرات التي قبل فيها كان يتبرع بها للفقراء ويشتري أجهزة طبية ليجري لمرضاه التحاليل.
وفي إحدى المقابلات روى الطبيب عن حدث كان سببًا في اختياره لأن يكون طبيبًا يساعد الغلابة والمساكين حيث قال باكيًا… أنه تم تعيينه في إحدى الوحدات الصحية في منطقة فقيرة، ذهب لعلاج طفل صغير يعاني من مرض السكر. كان هذا الطفل يبكي من ألمه ويطلب حقنة الأنسولين من أمه. لكنها ترد؛ أنها إذا اشترت الحقنة فلن يتبقى المال لشراء طعام لإخوته، فما كان منه إلّا أن صعد إلى السّطح وأشعل في نفسه النّار، ولم يتمكن الطبيب وقتها من إنقاذه، وقال الطفل يومها آخر كلماته لأمه: فعلت ذلك من أجل توفير ثمن حقنة الأنسولين.
قال طبيب الغلابة أنه منذ ذلك الحدث قرر أن يكرّس، ويهب حياته للمرضى الفقراء وعلاجهم. واتباعًا لكلام أبيه الذي قال فيه : أوصيك خيراً في الفقراء.
وفي شهر رمضان السابق، قام برنامج قلبي اطمأن بتقديم مبلغ كبير جداً للطبيب مشالي وبتقديم(بهدف مساعدته لتجديد عيادته لكنه رفض قائلاً) المساعدة وفي تجديد عيادته ولكنه رفض وقال: “لن أنتقل من هذه العيادة إلى أن يتوفاني الله، أنا أريد البقاء في هذه العيادة لأنها في منطقة شعبية وناس غلابة .. وأنا بخدمة الغلابة، أنا أتقرّب إلى الله عن طريق عمل الخير”.
توفي طبيب الغلابة في مدينة طنطا في ٢٨ يوليو عام ٢٠٢٠ عن عمر يناهز ٧٦ سنة، حيث توفي بسبب هبوط قوي في الدورة الدموية، وتكريمًا له أطلق اسمه على أحد الشوارع في طنطا.
كان لهذا الطبيب أثرٌ كبيرٌ، وأعمال عظيمة، يا ليت وعسى أن تقتدي به الأجيال لتصنع لنا أطباءً بحقّ كطبيبنا الراحل، “طبيب الغلابة”.