النظام النباتي نظام غذائي يعتمد على النباتات والحبوب الكاملة والبقوليات و يستثني أكل اللحوم بما فيها البحريات والرخويات. ينقسم متبعوا هذا النظام إلى عدة أقسام، ويعد vegan وال vegetarian النظامان الأكثر شهرة بين الأنظمة . ال vegan هو النباتي المتعصب؛ والذي يعتمد في غذائه على النباتات الخالصة، ولا يأكل أي نوع من اللحوم الحيوانية ومنتجاتها كالبيض والحليب.
أما عن ال vegetarian فهو النباتي الذي يمتنع عن تناول اللحوم، ولكن يستثني الأسماك والمنتجات الحيوانية الأخرى.
ذيع صيت النباتيين بكثرة في الآونة الأخيرة، وأصبح من أكثر الأنظمة الغذائية انتشاراً في العالم ولكن هل النباتيون على صواب؟
تنقسم دوافع الإنسان النباتي إلى ثلاثة أقسام:
الأول هو النباتي الأخلاقي الذي يعتقد أن الحياة ممكنة بدون إلحاق الضرر بالحيوانات، وأنه من الممكن اتباع نظام غذائي لا يحتوي على تعذيبها أو معاناتها فيكون موقفهم عاطفياً و هو السبب أو الدافع الأقوى بالنسبة للنباتيين.
النوع الثاني يعتقد أنه لو أصبح الجميع نباتياً ستحل أزمة الجوع، وسينعم الجميع بتحقيق توزيع عادل لمصادر الطبيعة.
وأما الثالث فيعتقد أن النظام النباتي وجد لأجل صحة أفضل. ومع هذا يكون
دافعهم لاختيار النظام الغذائي دافع صحي لاعتقادهم أن المنتجات الحيوانية هي سبب لعدة من أمراض البشر، ولاعتقادهم بأن النظام النباتي يضمن صحة أكبر.
ومن الممكن أن يكون دافع الإنسان النباتي هو هذه الأسباب الثلاثة مجتمعة.
في كتاب أسمته المؤلفة “الخرافة النباتية” تحكي لنا الكاتبة الأمريكية “يير كيث” عن تجربتها لمدة٢٠ سنة كنباتية. فيه دونت تجربتها و استعانت بعشرات المراجع والبحوث الموثوقة. ودونت فيه موقفها السلبي تجاه النباتية، وخصصت في كتابها فصلاً كاملاً لمناقشة جميع الدوافع التي سبق ذكرها.
تشير إلى أن النباتي الأخلاقي الذي يؤمن بأنه: “لا يمكن أن تقوم حياتك على موت غيرك”. لا يمكن أن يكون اعتقاداً صحيحاً، فمن المستحيل أن يصل إليك طبق من الطعام دون أن يموت أحد في سبيل إطعامك أو إطعام طعامك. يرجع هذا التفكير والاعتقاد إلى مركزية الإنسان نفسه، وطريقة حسابه للأمور. فعلى سبيل المثال نحن كمسلمين نؤمن بأن الإنسان هو خليفة على الأرض، وأن كل ما فيها هو مسخر له. ولكن عند النباتي الأخلاقي يختلف الأمر فهم يعتقدون بأن الإنسان هو شريك على هذه الأرض وشريك مع الحيوانات ولا يحق له أن “ينتهك” حقوق الغير من الحيوانات.
تولدت هذه النظرية السطحية بسبب الجهل تجاه طبيعة الزراعة. فالإنسان لا يستطيع أن يحسب من مات على صحنه فقط، بل كل من مات أثناء العملية بغض النظر عن نوع هذا الكائن سواء كان حيوان أو بنات أو حتى بكتيريا، ومع هذا ستُرى الصورة كاملة، وسيظهر أن الزراعة هي من أكثر الأشياء تدميراً للنظام البيئي، فلا أن ننسى الأنهار التي استنزفت والأراضي الزراعية التي احترقت وصارت رماداً بسبب زراعة ذات المحصول. القمح أكبر مثال على هذا وذكرت الكاتبة أن ثلثي الأرض غير صالحة للزراعة، فهي إما باردة جداً أو جافة جداً أو صحراوية. وأن تعاطفهم مع الحيوانات لأنهم يشبهوننا أو لأن لهم أماً هو بحد ذاته أمر شنيع. فإذا لم تكن تملك أماً أو وجه هذا لا يعني أن تصبح حياتك بلا قيمة وأن تصبح وجبة أخلاقية لمن لا يشبهك!
في الفصل الثالث تناقش المؤلفة النباتي السياسي الذي يؤمن أنه لو أصبحنا نباتيين فلن يبقى أحد جائع وأننا سنساهم في التقليل من المجاعات حول العالم. يمكننا أن نختصر النقاش بفكرة الكاتبة حول أن الناس ليسوا جياع بسبب نقص الطعام بل نقص العدل.
أما عن النباتي الصحي الذي كان موقفه تجاه النباتية هو أن الحيوانات ومنتجاتها لا توفر الصحة المثالية للإنسان وأنه يمكن أن تحل محلهم النباتات، ويستندون باعتقادهم هذا بأقوال علمية تدعم هذا الاعتقاد الذي يمكن أن يكون فيه شيء من الصحة ولكن يغضون النظر عن السلبيات والأمراض التي يمكن أن يسببها اتباع النظام الغذائي النباتي، فمثلاً نقص الحديد، وهو أمر شائع جداً بين النباتيين. ونسبةً لدراسةٍ أُجريت في جامعة أوكسفورد واستمرت ل ١٨ سنة فإن النباتيين معرضون للإصابة بجلطة دماغية أكثر ب ٢٠% من نظيرهم اللاحم. ومن سلبيات النظام النباتي أيضاً هو كثرة الاعتماد فيه على السكر والنشاء، الذي ينتج عنه عسر الهضم.
ومن الجدير بالذكر أيضاً هو أن الإنسان بطبيعته لاحم يعيش ويتغذى على اللحوم ومنتجاتها منذ ملايين السنين، ولا يمكننا مخالفة طبيعتنا البشرية و أجسامنا. ويجب أن ننوه إلى أن النباتيين هم أناس لديهم وعي صحي، فهم لا يدخنون ولا يشربون الكحول ويمارسون الرياضة، هذه كلها عوامل من شأنها أن تساهم في جعل حياة الفرد منهم أطول و صحية أكثر.
نهايةً أريد أن أشير إلى إنني لا أريد أن أقنع الناس برأيي، ولكن أن يكونوا على علم تام بكافة أبعاد الموضوع وأن يحاولوا أن يروا الشيء من الجهة المقابلة وليس فقط من الجهة التي يريدون النظر من خلالها.