شعور بالعظمة والاستحقاق، مبالغة بخيالات الوصول إلى النجاح والسطلة اللامحدودة مع انعدام التعاطف والحاجة بأن يكون محط أنظار وإعجاب الجميع خليط من الصفات يطلق عليها علماء النفس “إضراب الشخصية النرجسية” وكباقي الإضرابات النفسية غالبًا ما يكون لدى الناس كسِمة شخصية أو إضراب مرَضي، سنتناول بهذا المقال الحالة الأولى..
قد يبدو للقارئ أن الشخص النرجسي مكروه من قبل الجميع منبوذٌ في عمله وعلاقته لكن على العكس تمامًا.. على الأقل حين تكون علاقاتكم سطحية فالشخص النرجسي ذو شخصية كاريزماتية قوية وترتبط النرجسية ببعض الامور الإيجابية مثل الإبداع العالي والسعادة واحترام الذات وانخفاض القلق والاكتئاب.
- النرجسيين وعلاقاتهم:
“وصلت لمرحلة صرت حس إني رغم قدراتي الجيدة، ما فيي انجز شيء من دون هالشخص” يقول “X” وهو شاب تحدث لنا عن علاقته بشخص نرجسي لعدة أشهر.
حسب علماء النفس فإن أحد صفات أو استراتيجيات الشخص النرجسي هي إيهام ضحاياهم أنهم بحاجة لهم، حتى يستطيعوا استغلال مهارتهم لتحقيق خططهم أو لمدحهم أمام الأخرين فالنرجسيون لأسباب عدّة من بينها انخفاض تعاطفهم تكون جُل علاقاتهم قائمة على أساس مصالحهم الشخصية.
- إدراك النرجسيين لنظرت الناس لهم:
النرجسيون يمتلكون تقدير ذاتي عالي جدًا وتضخيم من القدرات الشخصية، لكن هل يعتقد النرجسيون أن الآخرين يبادلوهم نفس درجة التقدير؟ في مقال نشر في “PMC” (المكتبة الوطنية الأمريكية لطب المعاهد الوطنية للصحة) حول الإجابة عن هذا السؤال انقسم العلماء فيه إلى رأيين، الرأي الأول؛ الذي يسمى وجهة نظر الجهل النرجسي، يجادل العلماء بأن النرجسيين يفتقرون إلى البصيرة في شخصيتهم وسمعتهم، أي أنهم يفشلون في فهم أن لديهم خصائص نرجسية، وهم يبالغون في تقدير مدى إيجابية الآخرين في رؤيتهم (أي أن تصوراتهم عن نظرت الاخرين إيجابية للغاية مثل تصوراتهم الذاتية). الرأي الثاني، الذي يدعى “الوعي النرجسي”، يفترض بأن النرجسيين لديهم واقعية عن شخصيتهم وسمعتهم، أي أنهم يعلمون أن لديهم خصائص نرجسية وأن تصورات الاخرين أقل من تصوراتهم الذاتية.
يقول “X”: “تقريبا أنا كنت صديقه الوحيد، كان يتجنب بناء علاقات عميقة مع الأخرين وكان يكتفي بالعلاقات السطحية، يمكن كان عنده تصور أنه جيد بالعلاقات السطحية فقط ” يوضح العلماء هذا الأمر بمقال بعنوان لماذا النرجسيون ساحرون للغاية: ” فشل النرجسيون في متابعة العلاقات والصداقات طويلة المدى قد يعكس وعيهم بأن المعارف الجديدة فقط هي التي تراهم في ضوء إيجابي. وبالتالي، بما يتفق مع وجهة نظر الوعي النرجسي، نتوقع أن النرجسيين يدركون أن سمعتهم تتدهور بمرور الوقت.
تعتمد هذه الحجة على فكرة أن النرجسيين يدركون أنه يُنظَر إليهم بشكل إيجابي من قبل المعارف الجدد أكثر من الأشخاص الذين يعرفونهم جيدًا”
- يقول محمد السيد وهو مختص نفسي: الشخص النرجسي يبني علاقته مع الآخرين على أساس استغلالهم لتحقيق أهدافه الشخصية أو “ليسبحوا بحمده ويمجدوه” لكن لا يمكن أن يتقبلهم كشركاء له أبدًا، حتى حين يريد الدخول بعلاقة عاطفية أو الزواج فهو يبحث عن من هو أضعف منه كي يُرى المجتمع أنه “عظيم” وليشبع نرجسيته، فبسبب غياب التعاطف يبقى النرجسي عاجزًا عن الدخول بأيّ تواصل إنساني حقيقي فالجوهر الأساسي لعلاقاته مع الآخرين ينقسم إلى جزئين الأول غياب التعاطف والثاني استغلال الطرف الآخر.
في الختامة يقول محمد: “خلال عملي لعشر سنوات في المجال النفسي لم يزرني فيها نرجسي، ليس النرجسيون من يأتون إلى العيادة بل ضحاياهم”.
حين تكون بعلاقة صداقة، حب أو حتى عمل مع شخص يؤثر بشكل سلبي على صحتك النفسية لا تتردد بقطع هذه العلاقة ومراجعة مختص نفسي إذا شعرت بأنك بحاجة لذلك.
المصادر:
https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC3119754/
https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC4122388/